![]() |
على جدارِ الذِّكريات
متَّكئاً على جدارِ الذِّكريات ،
يرقُب تِلك العهود كيفَ تُورِق على جنباتِ روحِه الهرِمة ! ثمَّ يتذكَّر أنَّه لَم يُعتَق بعد ، فيتفَّشى بروحِه دخَّانٌ مُريب .. يخشَى أنْ يُباع هذا المساء لغريب ! بائسٌ هو للقَدر الذي يجعله يتوجَّس مِنَ الأبواب المفتوحة .. يخشى أنَّه نسيَ كيْفَ يدخلونَها مِنْ فرطِ الأبواب المُقفلة التِّي كانَت تصفعه طوالَ الحياة ! قطعَ شوطاً يَبْحثُ عَن طريقٍ بلا أشْواك .. و حينَ وجدَ الطَّريق تذكَّر أنَّ الأشْواكَ لَم تترُك له قدَماً ! . يحمِل فوقَ رأسِه قصَّته ، و تأبى الطَّير أنْ تأكل مِنْها خيفةَ أنْ تحلَّ بِها لعنةُ الحُزن ! يقولونَ أنَّه كائنٌ قديم .. و يُقسِم أنَّ في جوفِه قلباً لا يضخُّ الدِّماء ، بَلْ دموعاً .. تُسفَح بصمتٍ هادِر ! و لا يصدِّقونه ! يكرِّر عليهم أنَّه لا يرى في هذا الكَوْن غيرَ كسرة حُلم كانا يتقاسمانِها حين يحلِّ القَحط .. و أنَّها ما زالَت تقيم عودَه ، و يشمُّ رائحتَها كلَّ ما مرَّ بسور المَقبرة ! فينصرِفونَ عنه ، ليسامِحهم كما جرتِ العادَة .. فلا عتَب عمَّن رُفِع عَنْه الألَم ! . . وحَده ليلُه مَنْ كان ينصِتُ إلى نشيجِه حينَ يعلُو ، .. يشيرُ إلى كلِّ تِلْك النُّتوء .. و التَّجاعيد التِّي تملأ وجهه و يدَيه ، يناجِي منْ خصاصِ العَتمة صَبْرَه : إنَّها ليْسَت آثار الأيَّام ، إنَّها خرائِط تِلْك الطُّرقِ التِّي قطعناها سويَّةً ، إنَّها وصاياهُ الأخيرة ! إنَّها أشياؤه التِّي لا تُنسى ! رجعُ الصَّدى يزفُّ إليهِ خيبَة أنَّ صبره أخيراً التَحَق بركْبِ أولئك الذين تخلَّوا عنْه ! فيزرَعُ عيناه في كفِّه ، يشتمُّهما .. ينكفيء على صمتِه بعَد أنْ يودِع كلَّ الكلام الرِّياح ! . |
الساعة الآن 08:25 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظه لمنتديات لمني بشوق